.

Unlimited Free Image and File Hosting at MediaFire Unlimited Free Image and File Hosting at MediaFire

الجمعة، 9 يوليو 2010

تكست - العدد الرابع - الترجمـــة والهـويـــة - كتب د. عادل الثامري

الترجمة و الهوّية




الدكتور عادل الثامري





يقول اندريه لوفيفر في مقدمة كتابه الصادر عام 2004(الترجمة و اعادة الكتابة و توظيف الشهرة الادبية) ان الترجمة هي اعادة كتابة نص اصلي

Unlimited Free Image and File Hosting at MediaFire

و كل النصوص مهما كانت مقاصدها تعكس ايديولوجيا معينة و شعرية ما ، و هي بذلك توظف الادب ليشتغل في مجتمع معين بطريقة معينة. اي أن الترجمة تتحدد بعاملين هما : ايديولوجيا المترجم و الشعرية المهيمنة في الثقافة المتلقية .و الايديولوجيا تملي اختيار النص للترجمة ،و الى حد ما تملي حتى استراتيجيات الترجمة كما انها تؤثر في نشر نصوص مترجمة بعينها، و قد اجتذبت هذه المقاربة الايديولوجية للترجمة قدرا كبيرا من الاهتمام في السنوات الاخيرة ، فالترجمة يمكن ان تقدم مفاهيم جديدة و ادوات جديدة و تساعد المؤسسات المهيمنة على شرعنة النظام القائم عبر منظومات قيم و منظومات رمزية.لابد لكل نص منتج من غرض يؤديه في الثقافة المنتجة و لذا من الضروري ان يعرف المترجم لماذا يترجم نصا ما و ماهي وظيفة النص المترجم في الثقافة المتلقية.


Unlimited Free Image and File Hosting at MediaFire


تقدم دراسات الترجمة ذات المنهج الايديولوجي زاوية جديدة للنظر ، فقد تحولت هذه الدراسات ، في السنوات الاخيرة، من الجدل العقيم حول "المكافئ الترجمي " الى موضوعات اوسع كالمجتمع و التاريخ و الثقافة ، وعلى الرغم من ان الايديولوجيا تمارس تأثيرا كبيرا على كل جانب من جوانب الترجمة فأن هذه التأثيرات نسبية لان المترجم سيتجاوزها من خلال اخلاقيات العمل و الضمير، بيد ان لوفيفر و باسنيت و هما من الباحثين الكبار في دراسات الترجمة يعتقدان ان الايديولوجيا تمارس تأثيرا "اطلاقيا" على الترجمة. و الفكرة هذه يمكن اجمالها بأن الايديولوجيا تؤثر على كل مفصل من مفاصل الترجمة ذلك انها نتاج الايديولوجيا و لا يمكن ان تتحرر منها. ان مثل هذه النظرة الاطلاقية تنكر ابداع المترجم وفعاليته و هي تؤكد ،و لكن بصورة غير مباشرة ، على "ثانوية " الترجمة.





ترى هل ان ما يقدمه لوفيفر و باسنيت هو دوغما جديدة ؟ لكن الموقف هذا يتناقض مع محاولتهما التنظيرية في رفع المستوى الثقافي للترجمة. نظريا، تتأثر الترجمة بشكل نسبي بالايديولوجيا و ذلك لانها بطبيعتها حوارية و تنطوي على اكثر من صوت واحد، و مادامت الترجمة متعددة الاصوات شأنها في ذلك شأن الثقافة فلابد لدراستها من ان تكون ذات تعددية في الاصوات و الرؤى.





من الاسئلة التي لابد ان تثار و نحن بصدد العلاقة بين الايديولوجيا و الترجمة هو ان نتلمس موضوع العلاقة بين الهوية و اللغة و هل تتأثر الهوية بالترجمة؟






ان الرابط بين اللغة و الهوية هو من الموضوعات التي اخذت مدى كبيرا في دراسات "القومية"، و عند النظر ،مثلا، في حركة الترجمة في القرن التاسع عشر في البلدان العربية نجد ان هذه الحركة قد وسعت حقول اشتغال العربية الفصحى ومن ثم عملت على احياء اللغة العربية بوصفها و سيلة للتحديث و هيأتها لتكون لغة التعليم و الاتصال الرسمي بعد ان كانت اللغة التركية العثمانية هي اللغة الفاعلة مما اسهم في بداية استنهاض للهوية. والمثال الاخر على العلاقة بين الترجمة و صيانة الهوية هو ما نقل عن ان طه حسين اسس الدعوة لترجمة الانجيل الى العربية لمساعدة المسيحيين العرب في التعبد باللغة العربية وما يشكله هذا من اسهام فاعل في بناء الهوية.





يقول لوفيفر في كتابه(الترجمة/التاريخ/الثقافة) " عندما تقدم ترجمة الى امة، غالبا ما ستنظر تلك الامة الى الترجمة على انها فعل عنف ضدها. و ينحى الذوق البرجوازي الى مقاومة الروح الكونية. ان ترجمة كاتب اجنبي هو اضافة الى شعرك القومي الخاص، و مثل هذا التوسيع للافق لا يسعد اولئك الذين يفيدون منه ، في الاقل ليس في البداية، ردة الفعل الاولى هي تمرد".







و في هذا الاطار ، يمكن للترجمة ان تشتغل بوصفها اجندة وطنية دون قصد واع من المترجم ، يشير فيكتور هوغو الى ان ليتومو الذي ترجم شكسبير الى الفرنسية في الواقع لم يترجمه بل قلده طاعة منه للذوق المعادي في تلك الحقبة. لقد كان قرار ترجمة شكسبير انزياحا عن الشرعة الادبية الفرنسية المعاصرة بيد ان استراتيجيته قد تواءمت مع قراء تلك الحقبة التاريخية.







تعمل الترجمة على اسناد تشكل الهوية الوطنية عبر اختيار النصوص الاجنبية و تطوير استراتيجيات ترجمة تلك النصوص. فالنص الاجنبي ،الذي يمكن ان يقع عليه الاختيار لأن الوضع الاجتماعي الذي انتج فيه ذلك النص، يمكن ان ينظر اليه على انه مشابه للوضع الاجتماعي للثقافة المتلقية و من ثم فهو يضيء المشاكل التي يمكن للامة ان تواجهها في نموها، و ربما يقع الاختيار على نص لان شكله و موضوعه يسهمان في خلق خطاب خاص للامة في الثقافة المتلقية. و يمكن للنص الاجنبي ان يترجم عبر استراتيجية صارت تعد خصيصة من خصائص الامة لان تلك الاستراتيجية قد هيمنت على الارث و الممارسة الترجمية في الثقافة المتلقية و ربما تقرن الاستراتيجية الترجمية بخطاب وطني لانها توظف لهجة حصلت على مكانتها بوصفها اللهجة القياسية او اللغة الوطنية. و مثل هذه الممارسات الترجمية تشكل الهويات الوطنية من خلال صيرورة يتماهى الموضوع فيها بالمادة الثقافية التي تعرف بانها وطنية .





*أكاديمي عراقي



للعـــــــودة للصفحـــــة الرئيســـــــــــة - العـــــــدد الرابــــــع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق